(742 كلمة)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
ما أجمل أن أرفع القلم لأسطّر أجمل العبارات وأبهاها إلى أخي الحبيب .. شقيقي في رحم أمي وشقيقي في هذه الحياة ، إن نابتني نائبة صرفت وجهي إلى الله عزّ وجلّ ثمّ تلمّست أين أنت ! وإن أظلمت الدنيا في عيني سُري عن قلبي وهو يبحث عن نور حنانك ومحبتك !
دعني هذه المرة وفي هذه الرسالة أعترف أولاً بمحبتي وتقديري لك .. سأستل القلم وأدعه يكتب ما شاء فاجعل بصرك حيث يقع الحرف وأجل طرفك حيث تنتهي الكلمة !
شقيقي الحبيب
عرفتك تحب الحوار وتستمع لوجهة النظر الأخرى برحابة صدر وطلاقة وجه .. بل عرفتك رقيق المشاعر قريب الدمعة يمتلئ قلبك حباً وحناناً .. دعني أبثك همومي وأنقل إليك بعضاً من غمومي فقد شاركتك في رحم أمي وترعرعت وإياك على ثرى بيت واحد ، وأكلنا وشربنا سنوات طويلة من إناء واحد !
أخي .. مساء البارحة رأيت في قلبك القسوة وفضاضة الطبع .. فلازلت أئن من الحمى منذ خمسة أيام لم تزرني فيها إلا مرة واحدة على عجل ! رغم أني أسكن معك في بيت واحد ولا يفصل بين مرقدي الذي ألزمتني إياه الحمى وبين غرفتك سوى أمتار قليلة !! وطوال هذه الأيام الخمسة لم تفكر أن تذهب بي إلى الطبيب ! نعم لم تفكر في ذلك مطلقاً ! حتى ألقتني الحمى طريح الفراش .. والموت أقرب لي من الحياة !
يا شقيقي .. ما بين فظاظة القلب وقسوته مساء البارحة ! رأيت فيك مساء هذا اليوم العطف والحنان في أجمل صورة .. فعندما بكى ابنك لمدة دقيقتين هرولت به إلى المستشفى وهو صحيح معافى يعاني من بداية انفلونزا بسيطة ! وجادلت والدته ونهرتها بأنه لابد من عرضه على الطبيب ! وكيف يُترك للمرض ينهش في جسده ويُضعف قواه !
يا أخي .. دعنا من المرض والأمراض سلمك الله منها .. لكني حتى في حال الصحة والعافية لم أرك تشاركني فرحي وحزني .. ولا تعرف خواطري ومشاكلي ! العام الماضي احتجت إلى كراسة مدرسية وبقيت أسبوعاً أرسل الطرف نحوك أملاً ورجاءً ! حتى أُهديت إلي من زميلتي وقبلتها على مضض وحياء ! إنها مشكلة عندي بحجم هموم الدنيا أجمع وهي كراسة دفاتر لاغير !!
يا أخي .. لا تعرف حقي ولا تقدر مشاعري فعندما تقدم العام الماضي أحد الشباب لخطبتي قالت لك أمي : اذهب وتحسس أمره واسأل عنه .. لكنك بقيت صامتاً حتى سألنا بأنفسنا عنه عبر وسائط غير مأمونة ! وكأن الأمر لا يعنيك !
يا أخي وشقيقي .. لا أعرف أن لي عليك حقاً لما أراه من صدودك وهجرك ، حتى إخوة الإسلام والإبتسامة التي حث عليها الرسول لا أراها منك ولقد مرت أعياد وأنا أسمع صوت ضحكاتك تهز أركان غرفتك ومجلسك ! ولم تكن إحداهن تسري إلى قلبي ! حتى كذبت بصري مرات ومرات ..
يا أخي .. مرت سنوات بعد وفاة والدي وأنا لم أجد منك يداً حانيةً أو لمسة تزيل وحشة الطريق وألم الفراق ! ولم أرى منك تبسطاً نحوي ونصيحة تعينني على مسيرة حياتي فبقيت شجرة خضراء في مهب الريح لا أعرف ماذا أنتظر !
يا أخي .. لازلت أعتمد على مصروفي الشخصي في الجامعة رغم قلته ، ولا يخفى على مثلك حاجة المرأة إلى التزين واللباس خاصة في مثل سني ! وتعرف ذلك جيداً بما تصرفه على زوجتك من مبالغ باهظة وضنت نفسك بالقليل عليّ ! ومع ذلك كله لم أسلم من انتقادك بأني بسيطة في ملبسي لا أزال ألبس القديم وكأني جدّة !!
يا أخي .. تاهت بي الظنون ووسوس لي الشيطان أنك لن تحمل جنازتي ولن تذهب بي إلى المقبرة فالطريق طويل والحر شديد ! فهل هذا سوف يقع منك !
يا شقيقي .. أنا أختك فتاة كسيرة ضعيفة وما هذيت به هو من أعراض الحمى ، وإلا فلي سنوات وأنا أحيل دمعتي إلى إبتسامة حين ألقاك وأجمع ضعفي لأكون خادمة مطيعة تعمل لك ولزوجتك وابنك ! وإن كسرت قلبي فقد أحببت قلبك وإن تحطمت آمالي فقد أحييت أملك ! وإن ذبلت زهوري فقد سقيت زهورك بدمع عيني وماء حياتي وهذا أقل حقوقك يا شقيقي !
أخي .. قبل أن أودعك أبشرك بحديث الرسول الذي رواه الإمام أحمد يقول عليه الصلاة والسلام : { من عال ابنتين أو ثلاثاً ، أو أختين أو ثلاثاً ، حتى يبنّ أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها }.
قال ابن بطال : حقٌ على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك.
أخي الحبيب .. سأتبعك الدعاء فأنت أهل لكل خير.
أخي .. جعلك الله هادياً وأقر عينيك بصلاح زوجك وأولادك.
التوقيع .. شقيقتك |