مرحبا بك في موقع كلمات
  الأحد 21 جمادى الثانية 1446 هـ
 القـائمـــــة الرئيسيـــــة
 أقســـــام المطويـــــات
 شـــــــارك معنـــــــــا

اجعل موقعنا صفحتك الرئيسية    أضف موقعنا للمفضلة    قالب xml لعرض جديد المطويات لأصحاب المواقع.

المتصفحين: 10

  أقسام المطويات المرأة و الأسرة ويبقى الحوار مفتوحاً
14 ديسمبر 2003 ويبقى الحوار مفتوحاً
عبدالله بن عبدالرحمن العياده
دار ابن خزيمة
أرسلها لصديق أرسلها لصديق
طباعة المقال عرض للطباعة
إضافة مرجع إضافة مرجع
تصحيح خطأ إملائي تصحيح خطأ
عدد القرّاء عدد القرّاء: 9620

(731 كلمة)

صورة المطوية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

رزقني الله جمالاً ورزقني ذكاءً، وفوق ذلك أنني من أسرة غنية وفرّت لي كل ما أريد فتوهمت أني أنا التي أمتلك كل شيء، كان والدي يحثني على الدراسة لأنال شهادة عالية ليفتخر بها إلا أنه لم يستطع أن يوفر لدي الرغبة في الدراسة.

في المرحلة الثانوية تعرفت على مجموعة من الزميلات يشاركنّي نفس الرغبة وهي عدم الرغبة في الدراسة والتعب خلف المذاكرة، صار الإهمال سجيتنا، وتبادل أخبار الموضة والفساتين والحصول عليها هوايتنا، نجحت من الصف الثالث بشق الأنفس، انقطعت عن الدراسة زمناً، ألح عليّ والدي بأن أكمل دراستي الجامعية، قبلت في الكلية بصعوبة لأن معدلي كان ضعيفاً ولم أستغرب ذلك فهو أمر طبيعي لفتاة مثلي.

هذا هو اليوم الأول لي في الكلية وفي المحاضرة الثالثة كانت المفاجأة المذهلة التي قلبت كياني وشلّت تفكيري وبعثرت أوراقي فلم أصدق عيني، نظرت إليها تفحصتها معقول هي؟ لا.. لا.. ليست هي، قطع حبل تفكيري صوتها الهادئ الذي لا زلت أذكره وهي تقدم لنا نفسه قائلة: أختكم رقية..،..، ماجيستير في الشريعة، فغبت عن الوعي وعدت بالذاكرة إلى الوراء يوم كنا في الثانوية كانت هي الوحيدة الجادة والمثابرة في الفصول وكنا بكل غرور وسخف نلمزها بفقرها فقد كانت لا تغيّر المريول والشنطة خلال العام، وكانت لا تكترث بنا، وأذكر أيضاً أني تعلمت منها درساً قاسياً لن أنساه فقد حفر في ذاكرتي، ففي يوم من الأيام وبغروري وبما أملك أردت أن أحرجها، فقلت لها وبدون مقدمات وبسؤال مباغت.

هل أنت سعيدة؟

ردّت بهدوء.. وما هو مقياس السعادة في نظرك؟

قلت بثقة كل يفهم السعادة حسب هواه ومزاجه.

ردّت قائلة: وضّحي أكثر.

فأجبت بلغة واثقة: إذا تحققت رغبات النفس وجدت السعادة.

باغتتني قائلة: وما هي رغبات النفس؟

أجبت وأنا أخفي ارتباكي: الأكل والشرب واللبس والمال والتمتع بالحياة هذه هي مظان السعادة.

اعتدلت في جلستها قائلة: كم هم الذين يأكلون ويشربون ويتمتعون ولديهم المال الوفير وهم غير سعداء؟

قلت بارتباك أكثر: لا أعرف عددهم فهم كثير جداً.

ابتسمت قائلة: إذاً السعادة في غير هذا الإتجاه.

فقلت: وأنا آخذ نفساً عميقاً: صحيح صحيح هي في غير هذا الإتجاه.

ونتيجة لهذا الحرج الذي وقعت فيه أردت أن أنقذ نفسي، غيّرت دفة الحديث.

فقلت لها: تحضرين للمدرسة مع الباص كل يوم؟

فرمقتني بطرفها كأنما فهمت ماذا أريد وردت بثقة، وأنت تحضرين مع السائق الأجنبي الخاص بكم؟

فأعدت الحديث إلى الباص هروباً قائلةً: ألا تتضايقين من كثرة الزحام؟ فابتسمت قائلة: وأنت ألا تتضايقين من نظرات السائق؟ ثم أكملت، وأنا في الباص أجد متعة عندما أحس بمعاناة الآخرين.

هدوئها يستفزني، فنقلت الحديث إلى شاطئ آخر قائلة: ألا زلتم تسكنون في الريف؟

قالت:في الريف نبتعد عن الفضول والصخب ونتمتع بالهواء النقي.

فأكملت السؤال بسرعة، أظن منزلكم لا زال من الطين؟

فابتسمت قائلة: منزلنا فيه استقلاليتنا ولا يشاركنا فيه أحد، ويسترنا عن عيون الأغراب، مع العلم أن البيوت قد تغيرت الآن.

فأظهرت لها أني مداعبةً لها، فرفعت حقيبتها وقلت: ما أجمل حقيبتك، لذلك لم تغيريها منذ مدة؟!

فأخذتها وضمتها إلى صدرها وهي تقول رفيقة دربي الدراسي ويكفيني أنها لم تمل مني وتحمل كتبي دون تعب أو تضجر مثل بعضهم.

بدأ الضيق يتسرب إلى نفسي من هدوئها فقلت لها بعد نظرة إلى قسمات وجهها، ألا تتضايقين من اسمك يا رقية؟

أجبات بثقة حيرتني لا أحد يختار اسمه ولم يضر رقية بنت محمد وزوجة عثمان رضي الله عنه.

فأيقنت أني لن أستطيع أن أهز تماسكها وثقتها بنفسها فصرفت الحديث إلى طريق آخر، فقلت: هل يوجد في بيتكم وسائل ترفيه؟

ربت بابتسامة أخرى، أحياناً أتمنى بقية وقت لهذه الأشياء، والنفس كالطفل تشب على ما تعودت عليه.

فقلت بسرعة والموضة هل لها نصيب أيضاً؟

فردّت بثقة، أتعامل مع كل جديد وساتر.

حاصرتها مباغتة، متى تستعملين المكياج يا رقية؟

وضعت ذقنها على راحت يدها قائلة: انظري في وجهي هل ترين فيه عيوب؟

فقلت لها: لا، وأنا أسحب من حقيبتي مجلة متظاهرة بعدم الإحراج من إجابتها، هل تقرئين المجلات؟

فقالت: وأنت لماذا تقرئين هذه المجلات؟ فتظاهرت أني أبحث عن موضوع في المجلة قائلةً: أقرؤها للثقافة والمعرفة، فهمّت بالقيام كأنها تريد أن تلقي عليّ مفاجأة قائلة: لم أرى الثقافة غيّرت فيك شيئاً؟! فخجلت وتصبّب العرق مني فلم أجد ما أجيبها فيه وأردفت قائلة بعدما اعتدلت قائمة، هل تقرئين شيئاً من القرآن في وقت الفراغ؟

سؤال مباغت ولم أحسب حسابه مزّق أوراقي، إلا أن صوت الجرس أنقذني من الإجابة.

فحملت حقيبتي الغالية الثمن وانطلقت مسرعة: وصدى صوتها وسؤالها يتردد في أذني هل تقرئين شيئاً من القرآن؟!

فعدت إلى وعيي فأغمضت عيني بعدما انسابت منها دمعة وإذا بيدها الدافئة على كتفي وهي تقول لي أنت فلانة؟ فترددت في الإجابة: وقلت بيني وبين نفسي لله درك من طموحة وصابرة ولم ينفعني أنا كل ما كنت أملك.

صوت آذان الظهر يخترق السكون فهربت منها وأنا أخفي خجلي وأسأل نفسي هل الطموح ملك لأحد؟ هل يباع الطموح ويشترى؟.. أخيراً ويبقى السؤال مطروحاً والحوار مفتوحاً هل للطموح هوية.. فمن يجيب؟.

  [ رجوع إلى قسم: المرأة و الأسرة ]

المطويات المتوفرة: 584 يحق لكل المسلم إعادة النشر والاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الدعوي غير التجاري بشرط ذكر المصدر. 0.0568