الحمد لله الذي يسر لك - أخي الحاج.. أختنا الحاجة - أداء هذا الركن العظيم، الذي قال فيه : { من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه } الحديث. ونسأل الله لكم القبول وحسن الجزاء، وأن يجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.
وظننا بربنا عز وجل... أنه قد غفر الذنوب وستر العيوب وأقال العثرات. إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة. ومن أحسن الظن أحسن العمل.
قال الحسن البصري رحمه الله: ( إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل ).
ولهذا لا يليق بمسلم بعد أن ابيّضت صحيفته أن يعود لتسويدها. وبعد أن زكت نفسه بالطاعة أن يدنسها بالمعصية.
فعلينا أن نبدأ صفحة جديدة مع الله نطيعه ولا نعصيه حتى نفوز برضوانه وجنته، قال تعالى: وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاً [الأحزاب:71].
وقال : { كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى } قيل ومن يأبى يا رسول الله، قال: { من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى } [رواه البخاري].
فإليكم بعض الناصئح والوصايا التي لا تخفى عليكم، ولكن أحببنا أن نقدمها لكم لأجل الذكرى قال تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55].
أولاً: ملازمة الإخلاص:
أخي الحاج.. إذا كنت أديت هذه العبادة العظيمة خالصةً لله، فعليك بالاستمرار بهذه النية، ولا تفسدها أو تبطلها بالرياء والسمعة.. قال رسول الله : { إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغى به وجهه } [رواه النسائي وحسنه الألباني]، بل عليك أن تسأل الله دائماً قبول العمل، وأن تحستب الأجر عند الله وحده.
ثانياً: الاستمرار في الطاعات:
أخي الحاج.. لا شك أنك خلال فترة الحج قد فعلت الكثير من الطاعات، كتلاوة القرآن وقراءة الأذكار والاكثار من الدعاء والالتزام بالصلاة على أوقاتها وأدائها مع الجماعة، وغيرها من الطاعات، فعليك بالاستمرار في ذلك بعد الحج، وخاصة حضور صلاة الجماعة في المساجد، لأنها فرض عين يأثم تاركها لغير عذر.
ثالثاً: الابتعاد عن المعاصي:
عليك أخي الحاج - وقد خلعت عن نفسك ثوب المعاصي - ألا تعود إلى المعاصي السالفة ولتكن عودتك من الحج عودة صادقة إلى الله تعالى، فإن كنت قبل الحج ترتكب المعاصي، فلا تعود إليها بعد أن منّ الله عليك بأداء هذه الفريضة.
ومن المعاصي التي ينبغي التحذير منها: معاصي اللسان، كالكذب - ولو من أجل المزاح - والغيبة، والنميمة، والسباب، والنظر الحرام، واستماع الموسيقى والأغاني والكلام البذيء، والتدخين، وغيرها من المعاصي الظاهرة والباطنة.
رابعاً: الحرص على مجالس الذكر والعلم ومصاحبة الأخيار والصالحين:
احرص أخي الحاج - على حضور مجالس الذكر والعلم فإن حضورها يجلب لصاحبها المغفرة والأجر العظيم، وتحصيل العلم النافع. وعليك بصحبة الأخيار والصالحين، فإن الرسول أوصاك فقال: { لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي } [رواه الترمذي وصححه الألباني]. وإياك وصحبة الأشرار ومن لا نفع في مجالسته ومخالطته، فإن صاحب السوء كالأجرب الذي يعدي السليمة إذا خالطها.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
|