التطرف هو الميل عن الجادة، والحيدة عن المنهج، والانحراف عن الصراط المستقيم، التطرف هو رفض الوسط وهجر القصد، فالتطرف في العقائد هو الذهاب مع الظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً، وترك الحق المبين، وهو التعلق بالكهنوت والطقوس المقامة على الوهم والخيال والغلو في المشايخ وعبادة الأحبار والرهبان، وهو سلب حقوق الألوهية عن الأحد الصمد، وتعفير الأنف للطاغوت.
والتطرف في العبادة هو الشطط في أدائها إما غلواً وإما جفاءً، فلا يتبع فيها المعصوم، ولا يذعن فيها للبرهان، والتطرف في الأحكام هو جعل المندوب واجباً والمكروه محرماً، والتعزير حداً، وهو تضخيم الأشياء والذوات والحقائق، ومبناه على الخروج عن الإعتدال ومجافاة الميزان، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، وأنزل الكتاب والميزان، وهو سبحانه على صراط مستقيم، وقد قال: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ [المائدة:77]، وقال: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد:27]، وكان قاصداً للوسط، حاكماً بالعدل، قائماً بالقسط، يقول: { عليكم هدياً قاصداً } { وخير دينكم أيسره } والله يقول: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة:143] وهي الأمة الخيرة العادلة القائمة بالقسط، الشاهدة على الناس، الناطقة بالحق، الحاملة للأمانة، الهادية للإنسان، الدالة على الخير، الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر، المجتنبة للزيغ، والشطط، والتنطع، والتكلف، والتعمق، والإبتداع، والتشنج.
|